الرحلة المجنونة
جزء (7)
...
محمد ابو الفتح
...
حمل مايستطيع حمله من الماء وغادر أرض القوم الحمقى
الذين يسيرون بظهورهم
ويأملون أن يصلوا إلى غايتهم, ولكنه هذه المرة يشعر
بداخله بتغيير كبير فقد بدأ يعمل
عقله ويفكر فيما مر به خلال رحلته من أصناف البشر
والمخلوقات وأنماط تفكيرهم,وبينما
هو غارق في تأمله وتفكيره, أحس ببعض الظلال قد
أحاطت به, فالتفت يليها ليرى ما
يحوط به فوجد عدة رجال أشداء يمتطون خيولا وتبدو على
وجههم علامات الإجهاد
والعطش ,ورآهم ينظرون لما يحمل من ماء نظرت شوق
شديد وأدرك أنه أما يشاركهم ما
يحمل أو يفتكوا به فالإنسان أمام الجوع والعطش يفقد
عقله ويجن جنونه,أحس أن يتحفزون
ليهجموا عليه ويسلبونه كنزه الثمين فالماء هنا في هذه
الأرض القاحلة هوكنز الكنوز,بادره
زعيمهم قائلا بلهجة آمرة: ياهذا إما حياتك أو ما تحمله من
ماء فاختر مصيرك بنفسك,
تمالك نفسه وقال : لابأس سأترك الماء لأقوى رجل فيكم,
وهنا ضحك الزعيم قائلا :
إذا ستتركه لي, فرد عليه : ليس لأنك زعيمهم أنك أقواهم,
ونظر في عيون من حوله من
رجال فلمح في أعينهم نظرات التدي ليس له إنما لذاك
الزعيم الذي يريد أن يستأثر بالماء
لنفسه,لحظات ودارت بينهم معركة حاميه, نسوا الماء
وأصبحوا يتحاربون لكي يثبت كل
منهما أنه الأقوى والأجدر بالزعامة, وجلس هو يشاهدهم
ساخراً ويحدث نفسه عن
حماقتهم: لو تعاونوا معا لسلبوني الماء وشربوا جميعا ,
لكنها طبائع البشر ,وماهي إلا
دقائق وكان الجميع على الأرض غرقى في دمائهم بعد أن
تصارعوا فيما بينهم وصرعوا
بعضه البعض واحداً تلو الأخروهو ينظر إليهم نظرة ما بين
الشفقة والسخرية والفرحة
بالنجاة منهم, ولم يتبق منهم إلا واحد فقط آثر السلامة
وترك الصراع فأدرك أنه رجل
مسالم فبذل إليه ببعض الماء الذي تناوله شاكراً وقال له
لما تأخذ أحد هذه الخيول تركبه
بدلا من السفر مرتجلا ؟ وبالفعل انتفي أحدها وامتطى
سرده ووودع الرجل الذي بقي من
الجماعة المجنونه بالقوة والزعامة وذهب كل منهم إلى
سبيله, وعاد هو إلى الغرق في
تفكيره مرة أخرى يقول لنفسه: لقد أهلك هذه الجماعة
المترابطة شيئ واحد وهو الطمع,
لو كان لديهم روح الجماعة وتعاونوا لشربوا جميعا ونجوا
ولكن كل واحد طمع في الماء
لنفسه وفقط ثم تصارعوا معا من أجل الماء وفي خضم
الصراع نسوا مابدأوا الصراع عليه
في الأصل وهو الماء وأرجعوا الصراع لأمر آخر لا قيمة له
وهو الزعامة, أيهم يكون
الزعيم والقائد, ونسوا أن في النهاية وعند الموت لافرق بين
قائد وتابع ولهذا هلكوا جميعاً
ونجى هو والرجل الذي ابتعد بنفسه عن الصراع الدامي
وفتنة الزعامة الجوفاء وتبسم
يحدث نفسه وها هو درس آخر تعلمته من هؤلاء المجانين
مجنوني السلطة والزعامة,
وأخذ جواده ولم ينظر خلفه ليلقي عليهم النظرة الأخيرة
فهم لايستحقون إلا مالاقوا من
هلاك , وسار بجواده وهو يربت عليه قائلا:و أخيراً وجدت من
يرافقني في رحلتي وإن
كان ليس من البشر
.................
نهاية الجزء السابع 23/5/2016
.........
محمد ابو الفتح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق